- رئيسي
- متنوع
- الأربعاء 8 فبراير 2023 – 6:43 مساءً

سيد كاتم الصوت
نجح الكاتب الساخر ربيع السعدني في صياغة عالم الحكواتي والروائي في السنوات العشر الماضية منذ أن أصبح كاتب روائي محترف. في مجموعة القصص القصيرة “بائع الخبز” ، يعتمد السعدني على لغة بسيطة ومتطورة تتناسب مع الموضوع والسرد ، مما يدل على قدرة الكاتب على الغوص في عالم المصريين المناضلين من أجل لقمة العيش. .
ومن أجمل المقاطع التي جاءت في “بائع الخبز” يقول السعدني: على غير العادة خرج الزوج متوجهاً إلى عمله وسط القاهرة بمقر الجريدة الغامضة التي لم يقرع بابها إلا مرة واحدة أو مرتان منذ عامين ونصف بسبب الفيروس المروع “كوفيد -19”. الذي حوّل الجميع إلى أشباه أجانب يعيشون في خنادق ، وفقاعات هواء فارغة تشبه “الفقاعات” تطير من مسافة بعيدة ، ووعد زوجته الجميلة بنهاية الحياة في أسفل الراتب الهزيل الذي بدأ يتبخر في بداية كل شهر في تجديد فاتورة الإنترنت والمواصلات الداخلية ، ورحلة أو اثنتين إلى “هايبر ماركت” ، لتلبية متطلبات المنزل اليومية القاسية.
أيام منهوبة ، طرق مسدودة بسبب الإصلاحات الجارية في الحي ، موجات ضائعة ، أطفال صغار يلعبون في الشارع ، ألقى أحدهم الكرة ليصطدم بالحائط ثم ارتد بقوة في ظهره ، تدحرجت الكرة تجاهه عارًا. ، لذلك شعر الأولاد بالأسف لما فعلوه ، ووقفوا جميعًا ينظرون إليه ، ففكر في تلقي الكرة الضالة ، وقام بتصويبها ، وفكر في توبيخهم بينما كان عقله الباطن يزينه للمشاركة في اللعب مع الأولاد في الشارع .. تذكر أنه رجل كبير وزوج محترم ، ترك الكرة تمر من خلاله ، لذا تحرك أحد الأولاد ليلحق بها ، وشعر بمرارة الهجر ، مرر الأولاد بخجل.
وهنا يعيد السعدني تنظيم صدام بين الزوجين كما هي العادة المصرية الأصيلة ، ويكتب: على جانب الطريق اختلف الزوجان على الوجهة. أراد طريقًا قصيرًا وسلسًا من شأنه تبسيط الريح لهم في بضع دقائق ، بينما رفضت ذلك كالمعتاد ، وفضلت السير في طريق آخر ، لكن ذلك يرضي المتفرجين ، والحرفية. اللطف ، استطاع الزوج إقناع زوجته التي وافقت بخجل ، وتحركوا بهدوء ، وكان الصمت ثالثهم ، واستقلوا سيارة سوزوكي “تومانا” التي ألقوا بها في الشارع الرئيسي ، ثم أخذوا الثانية. إلى وسط البلد بالقاهرة ، ووسط نداء داخلي انطلق من الكابينة بعبارة: أجرة السيدات
تطوع الركاب لاستلام الأجرة من الأمام والخلف ، وكان الزوجان في منتصف العربة ، فوضع أحدهما يده في جيبه ليخرج عشرة جنيهات ، وهو ينزلق بين هاتفه ، وهنا كان صدمة .. سقط الهاتف! العقل مزدحم بالأفكار ، والعينان مرتبكتان ، والنظرات منحرفة ، والأيدي تتحرك يسارًا ويمينًا ولأسفل ، حتى أربكت حركاتها الركاب ، لذلك تضغط أحد الركاب وزوجته على “الأريكة الخلفية” ، سأل ، “هل يوجد ما يمكننا فعله من أجلك؟” ، بدا الزوج مرتبكًا ، وكانت الزوجة غائبة تقريبًا ، وسقط هاتفي المحمول! “.. يبدو أنه خرج من جيبه وترك رفيقه في طريقه دون رغبة منه. وكأنه هارب من السنين التي قضاها عليه .. سقط الهاتف وأخذ معه صوراً وذكريات وأرقاماً وأشياء أخرى!
يتميز السعدني بين الصحافيين الروائيين بما يمكن أن نسميه الروايات أو القصص المكثفة التي تتسارع فيها الأحداث بتفاصيل محددة دون ملل ولغة صحفي ضليع في فنون الكتابة. صدر له عملين أدبيين (قهوة برائحة المطر) و (سينما الرعب) على دار حبي التي تديرها الروائية. محمد تيماء.

0 التعليقات